Sunday, July 7, 2013

رأيت بعيني

رأيت بعينى

  طفلا صغيرا لا يتعدى السنوات السبع ..يرتدى ملابس مدرسيه بسيطه جدا .. أو قل فقيره جدا .. ويحمل حقسيه مدرسيه من قماش رخيص ، يجرى مسرعا الى ( كشك) الحلوى القائم وسط الطريق وهو يقبض بيده على عمله معدنيه صغيره .يعبث ببصره فى صنوف الحلوى المرصوصه أمام الكشك ويسأل البائع .بكم ده ؟ ( وهو يشير الى قطعه حلوى ) فيجيب البائع : بجنيه ....... يفتح الصغير يده وينظر الى قطعة النقود وكأنه يتاكد من قيمتها ثم يعود ويشير الى قطعه أخرى ويسأل البائع مره أخرى . وده ؟.... فيجيب البائع : بجنيه .ويعاود الطفل وهو يشير الى قطعه ثالثه ... طيب وده ؟ فيقول البائع له بجنيه ونص . يقف الطفل وهو ينظر الى ما فى يده من عمله والتى يبدو أنها لا تشترى شئ نظره تجسد اللوعه والحسره والتمنى أن يمتلك  ما يمكنه من شراء ( قطعه حلوى ) . يحاول مره أخرى وهو يمسك الدموع فى عينيه ويسأل البائع طيب وده؟  يقول البائع : يللا  ياولد من هنا .. أمشىمن هنا ... ينصرف الطفل متباطئ يجر الخيبه .. والحسره ... والحاجه ... ينظر الى الحلوى نظره تقتل البرائه والطفوله والضحكه البريئه ...  منتهى الفقر . رايت الفقر ولم أستطيع أن اقتله .

رأيت بعينى

طفله صغيره تسير مع والدتها وفى يدها قطعه ( أيس كريم ) تلتهمها فى تلذذ ونشوه .. ومن خلفها فتاه أخرى فى مثل سنها لا تكاد ترتدى شئ يستر جسدها ولا شئ يحمى قدميها من سخونه أرض الطريق .. لم تلمس المياه وجهها من وقت طويل .. ولم ترجل شعرها من مولدها تعلقت عيناها بالايس كريم فى يد الفتاه الاخرى .. تلهث وهى تنظر اليها وكأنها تلعق  معها ما يسيل من الايس كريم . وفجاه تقع قطعه الايس كريم على الارض فتحاول الفتاه أن تترك يد امها وتنحنى لتعيدها .. تنهرها الام وتقول : سبيها حجبلك غيرها . ويسيران . تجرى الفتاه الفقيره وتنحنى تلعق الايس كريم من الارض ممزوج بتراب الطريق وهىفى اقصى درجات النشوه . منتهى المذله ... منتهى الفقر .

رأيت بعينى

امراه ترتدى جلباب اسود وتقف قريبه من الجزار (بعيده عنه ) تنظر اليه وهو يخلص عظام من اللحم ( يشفيها ) تقف المرأه هى والكلاب فى أنتظار أن يلقى الجزار قطعه عظم أو شغت لتحارب الكلاب عليها أيهم يلحق بها قبل الاخر ، لتاخذها قوت لها ولاولادها .

 منتهى المذله ....... منتهى الفقر . 

رأيت بعينى

طفل لا يتعدى العشر سنوات على باب ورشه فى الصباح الباكر يمسك بيده ( مكنسه ) ويقوم بتنظيف الورشه فى تباطئ . وكلما مر عليه تلميذ فى طريقه الى مدرسته تثاقلت حركته وهو ينظر اليه فى حسره ثم يسمع صوت الاسطى ينهره ويحثه أن يسرع مع كميه لا بأس بها من السباب واللعان ، يسرع فى العمل برهه ثم ينظر الى القادمين والذاهبين من التلاميذ وهم فى طريق مدارسهم .فيتكرر المشهد ويبطئ حركته وهو يتابعهم وهو ينظر اليهم وتعتصره أهه وسؤال ( لماذا لا أكون معهم ؟ ) ولا يفيق الا على لطمه من الاسطى تقتل أحلامه وتعيده الى واقعه الاليم .

                  منتهى الجهل ...... منتهى الحسره .

رأيت بعينى

وعشت بكيانى .. فى العنايه المركزه فى أكبر مستشفيات مصر ... ترقد أبنتى ( هبه ) طريحة الفراش الصغير فى الغرفه الضيقه ويحيط بها أجهزه وأدويه وأستعدادات طبيه .. وهى تعانى الالم ... تقول .. أنا موجوعه أتصرف يا بابا .. نعانى سكرات الموت وهى بين أيدى أمهر الاطباء وافضل دور العلاج ولا يملك أحد لها شئ ... أنظر اليها مكتوف الايدى .. معصور القلب ... لا حيله لى .. أرجو رحمه الله . ثم تقول ( أحضنى يا بابا ) ويأخذها منى الموت  فجاه .. أرادة الله ... أنه المرض . اللهم أرحكها رحمه واسعه والهمنى الصبر على فراقها الى أن القاها . لعن الله المرض .

                   ثلاثية العجز    الفقر .... و الجهل ...... و المرض .

No comments: